Sunday, August 25, 2013

الحظر كمكمة

كان دايما الوصول للسوبر ماركت شئ سهل وبسيط .. ايه يعني لو مش هنقدر نروح كأسرة إلا 6 بالليل؟ مش مشكلة الليل طويل ، لكن مع الحظر الوصول للسوبر ماركت اصبح خطوة محتاجة ترتيب وإجراءات وقدر كبير من السرعة والسربعة في آن واحد .. لازم اقعد قصاد الورقة اعصر مخي في كتابة الطلبات لا اكون ناسية حاجة تبقى مصيبة .. زمان لو نسيت حاجة ابقى اروح بعدين هيحصل ايه ، في الحظر لأ الغلطة بفورة وهي فرصة واحدة لمدة ساعة واحدة مش مسموحلي بغيرها 

أدخل السوبر ماركت وانا مش مصدقة نفسي أخيراااا شوفته ، ليك شوقة ووحشة يا عم السوبر ، وبعدين افتكر ان الوقت بيجري فأعمل شمبانزي وأجري بعربية السوبر ماركت وأنس قاعد فيها وفاكرني بلاعبه ، وآخد غرز بالعربية عشان أفادي زمايلي في الكفاح السوبر ماركتي وأدور على كل الرفوف اجيب اللى انا عايزاه لحد ما اوصل للكاشير بنهج ألاقي قدامي طابور طويل واستنى والواد يعيط والضغط يوطى وبعد طول عناء وبعد محاولة الست اللى ورايا انها تاخد مكاني وبعد ما احفظ تفاصيل ستايل وألوان البنت اللى واقفة قدامي أنال شرف الوصول للكاشير أخيرا و احاسب

اخرج للشارع اللى بيتحول بعد الساعة 6 للعبة سيارات التصادم واتشاهد على روحي واحضن أنس بالجامد وأبص على أكياس السوبر ماركت كإحدى إنجازاتي الحياتية المعدودة وأوصل البيت وافتح الباب وادخل الشقة اترمي ع الكنبة وأنام واحلم بلميس الحديدي ماسكة في خناق عمرو أديب على الهوا والمشاهدين بيهللوا والمصور بيلف سجارة حشيش ومرتضى منصور بيسجل الحلقة عشان يرفعها على سي دي.

مش هحكيلك على مشاوير الدكاترة اللى اتضربت بالنار ولا كل الفسح والسفريات اللي باظت ولا كم الملل والزهق والفراغ اللى عشنا فيه يوميا ، ولا هوجع ضميرك وأفكرك بهمك اللى طلعته في الاكل وكل كيلو زاد ع الميزان وكل كرش أثبت وجوده في الحياة بزيادة ولا كل صرخة مكتوبة صرخها الميزان كل ما تقف عليه ، ولا هفكرك بإكتشافات الحظر أكيد انت اكتشفت نفسك واللي حواليك بما فيه الكفاية ، واكتشفت كمان عدد بلاطات الشقة وحسبت سرعة النملة وسعة درج الديب فريزر والسيفون بيتملى ماية في كام دقيقة واكتشفت ان الجيران بيتخانقوا كتير .. وان الخناقة الواحدة فيها 45 شتيمة و13 صويتة و7 بوكسات وشلوتين، ولا هشقلب عليك المواجع وألفت نظرك لإن البلد خلاص كمكمت من كتر الحظر 

ورغم ان الحظر بايخ ويقرف وابن كلب إلا انه كان فرصة مناسبة للتدوير جوا ذاتك واكتشاف مواهبك الدفينة واكتشاف أماكن فِرد الشرابات التايهة ، وكان فرصة كمان لكل أنثى انها تعيش لحظات شماتة نادرة لوجود اخوها/زوجها/ابنها/ابوها في البيت بدون ما يخترع أي مشوار ويزوغ ، ورغم كل اللى اللي شوفناه من الحظر بس المؤكد والثابت اننا تعايشنا - او حاولنا نتعايش - معاه وده في حد ذاته يعتبر أكبر دليل على ان الحب بيجي بعد الجواز!
.

Thursday, August 08, 2013

الضاحكون أيضا يموتون

ما أقسى الأعياد بدون من نحب ، صبيحة يوم العيد اتذكر وجه الضاحك الأسمر وشعره الاسود الناعم الذي تداخل فيه الشعر الأبيض من باب الصحبة الحلوة تحت الطاقية الشبيكة ، يرتدي الجلباب الأبيض بعدما توضأ ثم انشغل في البحث عن مصلية وجلس في الصالة ينتظرنا جميعا

نخرج كلنا ونجلس في العربية الجيب التي تربيت فيها فيدوّرها ويبدأ بالسواقة بإحترافية شديدة كنت اغبطه عليها ، لم اجلس بجوار من يسوق مثله ولا أظنني سأجد ، كان يجري بحرية الطير وبحذر التمساح وكانت حرية الطير تبهجني وتخيفني في آن واحد ، وحذر التمساح يُضحكني ذلك لانه اخبرني ذات مرة ان علاقته بي ( الابنة الصغرى ) - وهو الصعيدي الذي يهابه الجميع -  كالعلاقة بين التمساح والعصفورة ، فالتمساح لا يأكل العصفورة والعصفورة لا تخشى التمساح :) 

ما أجمل الطيران بالعربية صباح العيد وسماع تكبيرات العيد من كل أفراد أسرتك كاملين ، يجد ركنة بعد جهد بالقرب من ميدان مصطفى محمود .. ينفصل النساء عن الرجال ثم نتقابل بعد الصلاة ويبحث بإهتمام شديد عن البلونة الكبيرة - صديقة الأعياد - أم جنيه ، نأخذ البلالين ونكرر الرحلة عودة للبيت وفي هذه المرة يغني فنغني معه 

فطار العيد كان عبارة عن كحك وبسكويت وشاي بلبن + فرحة أبي بالكحك ، يقوله الكعك فآخذ على عاتقي مهمة تصحيح الكلمة: اسمها كحك يا بابا كححححك بالحه ، قول معايا كدة ! فيضحك على لماضة احبها فأحبته هي الأخرى 

بعد الفطار تبدأ مراسم توزيع العيدية على الكل ، يا عاطي العيدية من يعطيك! ثم تبدأ مراسم نفخ البلالين واللعب بها ، يقف هو حارس مرمى في المدخل الفاصل بين الصالون والانتريه ونتناوب نحن شوط البلونة عليه ، مرة أنا ومرة أخي ومرة أختي ، ثم يذهب أخي كحارس مرمى ويشوط أبي البلونة عليه كضربات جزاء بلونية ، حتى يشتكي الجيران من صوت - دبدبتنا على الارض - فيفتح الباب ويرسم على وجهه علامات الانزعاج من شقاوة الاولاد مع وعد بتأديبهمم ويعود بعد ان يغلق الباب فنجلس في هدوء حذر ثم ننفجر جميعا في وصلة ضحك 

أقول العيد يشبهه ولا أقول يشبه هو العيد ، تجسدت فيه البهجة والفرحة والطفولة حتى اصبح العيد هو النظر الى وجهه الضاحك وكفى ، تلك النظرة التي حُرمت منها وحرمت معها بهجة العيد

أرسل لي ليلة العيد بريد إلكتروني يعيد ويسلمّ وانا استمتع بقراءة اسمه وكلماته حتى صحوت وعادت لي الذاكرة البغيضة ، هو لم يرسل لي شئ وانا لن أراه مرة ثانية ! 

اخوتي اخبروني في الهاتف انهم سيذهبون لزيارته اليوم في قبره فلا يكتفي الموت بحرماني من رؤيته مرة فتحرمني غربتي من زيارة قبره مرة بعد مرة 

فليس أمامي الآن سوى خيالي لأراه يقود السيارة بحرية في طريقنا للمدرسة على انغام إذاعة الأغاني وصوت محمد قنديل " تلات سلامات يا واحشني تلات ايام " وانا بجواره فيغني ويندمج مع مقطع " بعادك يا جميل طول وده أول بعاد بيطول "  و يخرج ذراعه من شباك العربية وأخرج ذراعي انا الاخرى من الشباك بجواري ونطير ، اشتري لطفلي بلونة كبيرة وأذهب به لقبر أبي  ليرى كيف اصبح ابني يشبهه لهذه الدرجة وألعب معه بالبلونة ليشاهد بنفسه ما غرسه في قلبي وورثه طفلي من ضحك وبهجة ومرح ، هل يجوز توزيع البلونات على ارواح المبهجين في العيد؟ 

 اهرب من عيون الجميع وابكي وحدي ،  فكيف يبكي من يُضحك وهل يمتلك الضاحكون دموعا؟ اهرب واتخيل واتسآل وابكي ولكن تبقى الحقيقة ثابتة .. الضاحكون أيضا يموتون