بعد الثورة .. المحترم يكسب

يسري فودة .. أعرف هذا الإسم وأسمعه من بعيد لبعيد قبل الثورة ، أعرف إنه مقدم برنامج سري للغاية .. وأحفظ  طريقته فى مقدمة البرنامج المحفذة والموحية بجدية موضوع الحلقة وأهميته وخطورته فى نفس الوقت .. وفقط ! ، لا أعلم عنه شئ آخر وليس مطروح بأي شكل من الأشكال قبل الثورة 

بعد الثورة ظهر يسري فودة .. وأتسآل وانا أشاهده بإمعان وتركيز شديد .. أين كنت قبل الثورة ؟ وأصاب بإندهاش شديد عندما أعلم إن برنامجه الرائع ( آخر كلام ) بدأ قبل الثورة بعامين وأنا لا أدري 

المشاهد المصري يستحق إعلامي بحجم يسري فودة وليس بحجم تامر أمين أو خيري رمضان وغيرهم ممن فرضهم علينا النظام السابق ، نحن نستحق إعلامي ينحاز للحق والحقيقة وليس كما يريد صاحب المحل، إعلامي يتحرى الدقة والوضوح فى نقل المعلومة  والتوازن والموضوعية فى طرح القضايا ، إعلامي دارس بجد ، يذاكر للحلقة بجدية قبل أن يطل علينا .. ليس ممن يصلون الى الشاشة عن طريق الفهلوة أو المحسوبية ، يتحدث اللغة العربية بإتقان ليس مثل ممكن لوثوا آذاننا بلغتهم الركيكة وتسببوا فى فقع مراراتنا كلما سمعناهم وشاهدناهم صباحاً ومساءاً وقبل الأكل وبعده  

يكفي أن تتابع إختيار يسري فودة لضيوفه لتعلم لما أحبه المشاهد كثيراً ، يكفي أن تشاهد حلقة السباعي أحمد السباعي كبير الأطباء الشرعيين السابق وانت تعلم مهمة الإعلام الوطنية فى كشف القناع عن وجوه قبيحة كانت أحد أسباب خراب هذا البلد .. لأول مرة يتعامل المشاهد مع إعلام إيجابي يحترمه ويفيده ويفيد بلده ، يتحدث بلسان المشاهد ويفكر بعقله ويقول كلمته 
-

ميزة أخرى من ميزات يسري فودة هي أنه يتحدث ويتحاور مع الجميع بنفس القدر من الإحترام والمهنية .. المسؤل والمواطن العادي .. العالم والأمي .. الكل عنده سواء والكل له حد واضح من الإحترام الإنساني 

يحدث مع البرامج اليومية فى العادة حالة من الإتحاد مع المذيع المحبوب .. فتعتبره جزء من يومك، صعب أن تنام دون أن تشاهد برنامجه صاحب الميعاد المتأخر .. ورغم علمك بأن متابعتك لهذا البرنامج وحبك لهذا المذيع قد تتسبب فى تأخرك فى الذهاب لعملك فى الصباح الباكر إلا إنك تظل تتابعه مسلوب الإرادة  منساق لحب وتقدير كبير وإحترام أكبر 

سبب آخر مَيز يسري فودة عن أي إعلامي آخر ألا وهو قربه من جمهوره أكثر وتواصله معهم عبر الشبكات الإجتماعية مثل تويتر ، حيث كسر الحاجز الزجاجي بين الإعلامي والمواطن العادي .. أصبح مثلنا .. نعمله ريتويت .. نرد على كلامه .. نعمله هاشتاج عشان يتجوز بقى ويخلصنا ! ، وعندما تبدأ الحلقة نتابعها ونعلق عليها كأننا نشاهد أخ لنا أو صديق على الشاشة وليس مجرد صحفى تليفزيوني .. فنركز فى لون الكرافات .. شكل البدلة .. صوته الرخيم وهو يقول ( طيب ) .. الضحكة الخبيثة أحياناً .. مقدمة الحلقة التي تشعرك إن هناك شئ غامض ينتظرك .. براعته فى إلقاء شعر أمل دنقل .. الردود على ما نرسله له على تويتر أثناء الحلقة .. كل ذلك وأكثر يحدث كل يوم 

صعب جدا المقارنة بين إعلامي مثل يسري فودة والمسوخ الأخرى من تلاميذ النظام السابق .. كأنك بالضبط تقارن بين الحق والباطل .. بين الصدق والكذب .. بين الحر والعبد ، وفى نهاية هذا البوست المتواضع لا أملك سوى أن أطالب بتبكير ميعاد عرض هذا البرنامج الرائع وأن أتوجه باللوم والعتاب للأستاذ يسري فودة وأقول له: مش معقول يعنى أرفعلك القبعة بعد كل حلقة بجد .. هيجيلي برد كدة